اختفاء سائقين مغاربة في بوركينا فاسو نتيجة نشاط إرهابي متصاعد في المنطقة

هبة بريس

شهدت منطقة جنوب الصحراء في الآونة الأخيرة عودة قوية لنشاط الجماعات الإرهابية المسلحة، التي كان لها تأثير كبير على الاستقرار الأمني في العديد من الدول مثل بوركينا فاسو، النيجر، مالي وتشاد. وتتزايد هذه الأنشطة بشكل متسارع، مما يعكس تصاعدًا في حجم تهديداتها الإقليمية والدولية، ويزيد من القلق بشأن مستقبل المنطقة وأمنها.

تصاعد الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل

تعرف منطقة الساحل بأنها أحد أخطر الأماكن في العالم من حيث النشاط الإرهابي، حيث تتواجد مجموعات متعددة مثل تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى (داعش الصحراء) وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين (القاعدة). هذه الجماعات تواصل تنفيذ عمليات إرهابية واحتلال مناطق شاسعة من الأراضي، ما يساهم في تفشي الفوضى وإضعاف هيبة الحكومات المحلية.

النيجر وبوركينا فاسو هما من بين الدول الأكثر تأثراً بهذا النشاط، إذ تقعان في قلب ما يُعرف بـ “مثلث الموت”، الذي يشهد تصاعدًا مستمرًا في الهجمات على القوات العسكرية والمدنيين على حد سواء.

الهجوم الأخير الذي وقع في 11 يناير 2025 في بوركينا فاسو، والذي أسفر عن مقتل 18 جنديًا وعدد من المدنيين، هو مثال صارخ على المخاطر التي تواجهها هذه المنطقة.

تأثير هذه الأنشطة على الأمن المحلي والدولي

تزايد الهجمات على حركة النقل: في ظل الأوضاع الأمنية المتدهورة، أصبحت الطرق بين المدن الكبرى في بوركينا فاسو، النيجر ومالي، مناطق عرضة للاعتداءات.

اختفاء أربعة سائقين مغاربة على الطريق الرابط بين مدينتي دوري وتيرا في بداية هذا الشهر يعكس حجم المخاطر المتزايدة على حركة النقل الدولي. هذه المنطقة تعتبر من أكثر المناطق التي تنشط فيها الجماعات المسلحة، ما يؤدي إلى توقف العديد من قوافل الشاحنات التجارية بسبب الخوف من الهجمات.

تعقيد العمليات العسكرية: العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب في هذه المنطقة لا تزال تواجه صعوبة كبيرة بسبب المساحات الشاسعة التي يسيطر عليها الإرهابيون، فضلاً عن التضاريس الوعرة، ما يجعل من الصعب على القوات المحلية والدولية تأمين الطرق وحماية المدنيين. إضافة إلى ذلك، العديد من دول المنطقة تعاني من ضعف في قدرتها العسكرية، مما يزيد من تعقيد الوضع.

تأثير على الاقتصاد الإقليمي: تضرر حركة النقل والتجارة في المنطقة بشكل كبير جراء هذه الهجمات، مما يؤثر سلبًا على اقتصادات دول الساحل. فالتوقف المفاجئ للشاحنات، خاصة تلك التي تلتزم بالمبادئ الأمنية وتقوم بتوفير الحماية عبر قوات عسكرية، يزيد من تكاليف النقل ويعطل تدفق السلع الأساسية.

تزايد حدة النزاع الداخلي: في ظل النشاط الإرهابي المتزايد، تواجه العديد من الدول في الساحل الأزمات الداخلية، بما في ذلك الانقسامات السياسية والنزاعات الاجتماعية. كما أن هذه الجماعات تقوم بتوسيع رقعة سيطرتها، مما يجعلها قادرة على فرض قوانينها الخاصة في بعض المناطق.

العلاقة بين الجزائر وعودة النشاط الإرهابي

من المحتمل أن تكون هناك علاقة بين النشاط الإرهابي المتصاعد في منطقة الساحل والأدوار السياسية والعسكرية التي تلعبها الجزائر في هذه المنطقة. الجزائر تعتبر من القوى الإقليمية الكبرى في شمال أفريقيا، ولها تأثيرات سياسية وعسكرية في دول الساحل.

دور الجزائر في مكافحة الإرهاب: الجزائر تمثل قوة رئيسية في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، حيث قدمت الدعم العسكري والتدريبي للعديد من دول المنطقة. لكن مع ذلك، هناك تلميحات حول وجود بعض التنسيق أو التأثيرات غير المباشرة من قبل الجيش الجزائري في بعض عمليات الجماعات الإرهابية. بعض التقارير تشير إلى أن هناك صلات غير مباشرة بين بعض هذه الجماعات ومجموعات عسكرية أو سياسية في الجزائر، مما يثير تساؤلات حول تورط أو دعم ضمني لبعض الأنشطة الإرهابية في المنطقة.

الحدود والسياسات الإقليمية: الجزائر، من خلال سياستها في منطقة الصحراء الكبرى، قد تسهم في تأجيج التوترات بين الجماعات المسلحة، خاصة في ظل تزايد التنافس بين القوى الإقليمية على النفوذ في المنطقة. بالرغم من أن الجزائر تنفي بشكل رسمي أي ارتباط بمجموعات إرهابية، إلا أن تصاعد الأنشطة الإرهابية في المناطق الحدودية مع مالي والنيجر يشير إلى احتمالات تعقيد المشهد الأمني الإقليمي.

يعد النشاط الإرهابي المتزايد في دول جنوب الصحراء بمثابة تحدٍ هائل للأمن الإقليمي والدولي. الهجمات المستمرة على البنية التحتية للنقل، والتهديدات المتزايدة ضد المدنيين والعسكريين، تفرض على الحكومات المحلية والدولية اتخاذ تدابير عاجلة وفعالة لمكافحة هذا الخطر. في الوقت نفسه، هناك تساؤلات حول مدى تورط بعض القوى الإقليمية في زيادة هذه الأنشطة الإرهابية أو تعقيدها.

قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى