
هل يكون سحب “ترامب” لتمويل “المينورسو” بداية إنهاء قضية الصحراء؟؟
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
تشهد قضية الصحراء تحولات جذرية في السياسة الدولية، خاصة في موقف الولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت تُظهر اتجاهًا جديدًا خلال الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب، خصوصا مع استمرار الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي المغربي، حيت ظهرت دعوات من مؤسسات فكرية أمريكية لضرورة إنهاء مهمة بعثة “المينورسو” باعتبارها بعثة غير فعالة، مما يطرح تساؤلًا مهمًا: هل يُمكن لواشنطن أن تحول مغربية الصحراء إلى أمر واقع بسحب تمويل هذه البعثة؟.
– التحول في السياسة الأمريكية: تراجع دعم الاستفتاء وتعزيز الاعتراف بالسيادة المغربية
منذ بداية الولاية الثانية للرئيس ترامب، بات من الواضح أن الولايات المتحدة قد بدأت في اتخاذ خطوات حاسمة لدعم سيادة المغرب على صحرائه، فقد أثبتت واشنطن موقفها الثابت منذ عام 2020 من خلال الاعتراف رسميًا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وهو ما يعكس تحولًا في الموقف الأمريكي من دعم الاستفتاء إلى تأييد الحكم الذاتي كحل عملي للنزاع.
هذه التحولات قد تجد دعمًا في مقترحات مؤسسات فكرية أمريكية، مثل معهد المشروع الأمريكي، الذي اقترح إنهاء مهمة بعثة “المينورسو” التي فشلت في تحقيق أهدافها طيلة أكثر من ثلاثة عقود، حيت يشير المعهد إلى أن هذا القرار سيعزز الموقف المغربي في المنطقة ويعكس التوجه الأمريكي نحو فرض “أمر واقع” في الصحراء الغربية.
– المينورسو: عبء مالي دون فائدة حقيقية
بعثة “المينورسو” تأسست عام 1991 لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية، إلا أن واقع البعثة يختلف عن أهدافها ، فبعد 34 عامًا من عمل البعثة، لا يزال المطلب الأساسي – إجراء استفتاء سكاني – بعيد المنال، في هذا السياق، يشير معهد المشروع الأمريكي إلى أن البعثة لم تتمكن حتى من إجراء إحصاء دقيق للسكان في المنطقة، رغم الإنفاق الضخم الذي بلغ مليارات الدولارات.
هذا العجز في تحقيق أهداف “المينورسو” يضع تساؤلات مشروعة حول جدوى استمرار تمويلها، خاصة في ظل اعتراف دولي متزايد بسيادة المغرب على الصحراء، وكذلك مع تصاعد الدعم الدولي لمغربية الصحراء، بما في ذلك اعتراف العديد من الدول الكبرى بمغربية الصحراء، يصبح تمويل بعثة “المينورسو” أمرًا غير مبرر سياسيًا وماليًا.
– الولايات المتحدة: الدور الأساسي في التمويل والضغط الدولي
تُعتبر الولايات المتحدة الأمريكية الممول الرئيسي لبعثات حفظ السلام الأممية، بما في ذلك “المينورسو”، ففي العام 2024، خصصت الأمم المتحدة 75,35 مليون دولار لتمويل البعثة، حيث تشكل المساهمة الأمريكية حوالي 28% من هذه الميزانية،لذلك يبقى تقليص أو سحب تمويل واشنطن لبعثة “المينورسو” وارد و سيكون له تأثير كبير على استمرار هذه البعثة، وقد يكون بداية لتحول الملف من تحت مظلة الأمم المتحدة إلى “أمر واقع” تحت سيادة المغرب.
ومع عزم الولايات المتحدة على تقليص تمويلاتها في مجالات أخرى، تزداد احتمالية اتخاذ هذا القرار، كما أن الإدارة الأمريكية قد تجد في سحب الدعم المالي لـ “المينورسو” فرصة لتكريس التحول الدولي الكبير الذي تشهده القضية، حيث بدأت العديد من الدول – خاصة في العالم العربي وأوروبا – في تعزيز موقف المغرب، مثل اعتراف فرنسا في 2024 بمغربية الصحراء.
– الواقع الميداني: مغربية الصحراء تفرض نفسها على الأرض
بعيدًا عن التجاذبات السياسية والدبلوماسية، يفرض الواقع العسكري نفسه في الصحراء الغربية، حيث يسيطر الجيش المغربي على معظم الأراضي المتنازع عليها، منذ إعلان جبهة “البوليساريو” انسحابها من اتفاق وقف إطلاق النار في نونبر2020، تزايدت الأنشطة العسكرية في المنطقة العازلة، وهو ما يجعل دور “المينورسو” في الحفاظ على الأمن مشكوكًا فيه.
وعلى الرغم من أن البعثة كانت مكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار وتنظيم الاستفتاء، إلا أن الواقع الميداني يشير إلى أن الجيش المغربي هو من يتولى بالفعل مسؤولية تأمين المنطقة، وهو ما يعزز من موقف المغرب في فرض السيطرة على كامل أراضي الصحراء.
– الاستفتاء: غياب الحلول السياسية لصالح الحل المغربي
أصبح من الواضح أن فكرة الاستفتاء، التي كانت تشكل جوهر مهمة “المينورسو”، قد تراجعت بشكل ملحوظ في قرارات مجلس الأمن الدولي، ففي آخر قرارات المجلس، لم يُطرح موضوع الاستفتاء كحل رئيسي للنزاع، بل تم التأكيد على “حل سياسي واقعي”، مع إشارة قوية إلى أن مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب في 2007 يمثل الحل الأكثر واقعية.
هذا التوجه الدولي نحو تأييد مقترح الحكم الذاتي يعزز من فكرة أن المجتمع الدولي بدأ يتجه نحو تسوية النزاع بشكل يتوافق مع السيادة المغربية، مما يقلل من أهمية الاستمرار في بعثة “المينورسو” ويدفع نحو إنهاء دورها.
– هل هي نهاية مرحلة وبداية فصل جديد ؟؟؟
إذا قررت الولايات المتحدة سحب تمويلها لبعثة “المينورسو” أو تقليصه بشكل كبير، فإن هذا قد يكون بداية النهاية لوجود البعثة في المنطقة، ويمهد الطريق لتحول ملف الصحراء من قضية نزاع دولي إلى “أمر واقع” تحت السيادة المغربية، في ظل الدعم الدولي المتزايد لمغربية الصحراء وتزايد التحديات العسكرية والسياسية أمام “البوليساريو”، قد يكون هذا التحول جزءًا من استراتيجيات جديدة تهدف إلى تسوية نهائية لهذا النزاع المفتعل الذي طال أمده وقدم فيه المغرب شهداءه .
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X