
وجدة.. تحرير الملك العمومي لتنظيم المدينة ورد الاعتبار لجماليتها (صور)
هبة بريس – أحمد المساعد
تشهد مدينة وجدة في الآونة الأخيرة، حملة ميدانية واسعة تهدف إلى تحرير الملك العمومي من مختلف أشكال الاحتلال العشوائي، وذلك في إطار جهود السلطات المحلية لإعادة النظام إلى الفضاءات العامة وضمان احترام القانون وتحسين جمالية المدينة. وتندرج هذه الخطوة ضمن رؤية شمولية ترمي إلى إخلاء الملك العمومي وتسهيل حركة المواطنين داخل المجال الحضري.
وقد انطلقت هذه المبادرة بشكل تدريجي ومدروس، حيث تم تحرير ساحة عبد الوهاب بنجاح وبشكل نهائي، لتكون بداية ملموسة لهذا التحرك الشامل. ومع بداية شهر رمضان المنصرم، بادرت السلطات المحلية إلى توجيه مراسلات رسمية إلى المخالفين، وعلى رأسهم أرباب المقاهي الذين قاموا بتجاوز المساحات القانونية المرخصة لهم في مختلف أحياء وشوارع مدينة وجدة، مطالبين بضرورة الالتزام بالقانون وإخلاء الملك العمومي المحتل، في خطوة تهدف إلى تنظيم الفضاءات العامة واستعادة حق المواطنين في هذه المساحات.
ومع نهاية رمضان، دخلت الحملة مرحلتها الأولى من التنفيذ العملي، مدعومة بإمكانيات الجماعة، حيث لوحظ تجاوب ملموس من طرف العديد من المقاهي، التي شرعت في إخلاء الملك العمومي ، حتى في الأزقة والممرات الضيقة التي كانت تعاني من اختناق عمراني واختلالات في حركة السير. وقد ساهم هذا التراجع عن الفوضى في إعادة تنظيم المشهد الحضري، وتيسير تنقل الراجلين، لاسيما كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
أما في المرحلة الثانية، فقد وُجهت الجهود نحو معالجة ظاهرة تسييج واجهات المنازل، التي تمثل بدورها تعديًا صارخًا على المجال العام، وتشوه النسيج العمراني للمدينة. وقد شرعت السلطات في إزالة هذه التجاوزات، ما انعكس بشكل مباشر على تحسين جمالية الأحياء واستعادة التناسق المعماري الذي يميز المدينة.

اللافت في هذه الحملة هو بعدها الاستراتيجي، إذ لم تأت كإجراء ظرفي أو حملة موسمية، بل ضمن رؤية شاملة لإعادة تأهيل الفضاء العمومي وحمايته من مختلف أشكال العشوائية. ولهذه الغاية، تم تشكيل خلايا ميدانية متخصصة، تعمل بشكل متواصل على تتبع الوضع، ورصد التجاوزات، وإعداد تقارير دقيقة تسهم في ضمان استمرارية التدخل، والحد من مظاهر التسيب التي اعتادها المواطنون في فترات سابقة.
وتسير هذه الخلايا وفق منهجية مزدوجة تجمع بين التحسيس والمراقبة، في توازن يُمكّن من إشراك المواطن في حماية فضائه العام، دون إغفال الحزم المطلوب في تطبيق القانون.

وقد لقيت هذه التحركات استجابة إيجابية من طرف الساكنة، التي عبّرت عن ارتياحها الكبير لهذه الخطوة، معتبرة أنها تعكس إرادة حقيقية لإرساء النظام، وتحسين جودة الحياة في الأحياء، وخلق بيئة حضرية تليق بمدينة بتاريخ وجدة ومكانتها الجغرافية والثقافية.
وفي ظل هذا الزخم، تبرهن مدينة وجدة على قدرتها على خوض إصلاحات حضرية ترتكز على سيادة القانون، والتخطيط الرشيد، والتفاعل الإيجابي بين السلطة والمواطن، في سبيل بناء فضاء عمومي مشترك يسوده الانضباط، والعدالة، والاحترام المتبادل.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X